مقالات

إقرأ للكاتب الصحفي صلاح رسلان مقاله الجديد بعنوان ثوره

بقلم صلاح رسلان 
مصدر ثار وهو هياج وغضب يحدث حينما تغضب أحد وتستثيره بشيء خارج عن المألوف وكأنه كان كامنا ساكنا حتى رأى ما يثيره ويبعث فى نفسه الثورة لتغيير ما هو خارج عن المألوف ورده الى أصله
ومنها الإثارة الجنسيه فكأن الإنسان غريزته كامنه حتى يرى ما يلفت نظره ثم يتمعن فيه فيثيره وعندما يثار كأنك أخرجته من المألوف وهو سكون النفس الى غير المألوف وهو اثارتها فلا يهدأ حتى يقضى ما يريد ويعود بنفسه الى الوضع المألوف التى كانت عليه قبل الإثارة
وهى – الثورة- تطلق من الناحية السياسية على هياج الشعب وطلبهم تغييرات أساسية فى الأوضاع السياسيه والإقتصادية والإجتماعية فى دولة ما عندما يرون أن النظام القائم عليهم خرج عن المألوف فى التنمية والتقدم والترقى للأمام وعاد بهم الى غير المألوف وأرداهم الى الوراء وأصبحوا فى ذيل الأمم وأصبحوا يتغنون بماضيهم وحضارتهم حتى أصبحوا يعيشون فى الذكريات هربا من الواقع المرير
وهى يخطط لها الدهاة ويحفز عليها المفكرون والكتاب والأدباء والشعراء ويروج لها الفنانون والمبدعون ويباركها العلماء والآباء والأمهات ويقوم بها الفرسان الشجعان من الكبار والصغار ويستفيد منها الشعب كله
هى لا يقوم بها هؤلاء الذين يشعلون النار فى اطار السيارات ومن يقومون بالكر والفر فقط بل الثائر هو كل من شارك معهم بمقال أو رأى أو دعم أو عمل فنى أو عمل أدبى أو شعرى أو قول حق !!
ربما يكون قلم الكاتب أوقع فى النفس من مولوتوف الثائر وربما بيتا واحد من الشعر يظل يدوى فى كل ميادين الثورة فإن أحدا لا ينكر وقع بيت التونسى أبى القاسم الشابى :
اذا الشعب يوما أراد الحياة –فلابد أن يستجيب القدر
ولا أحد ينكر أغنية منير التى كنا نتغنى بها فى التحرير فى ثورة يناير (ازاى)
كما أن أحدا لا ينكر الدعوة الى الاتحاد والثورة التى ذكرها الشاعر الثائر الوزير الباكستانى محمد اقبال حينما قال فى قصيدة حديث الروح
ألم يبعث لأمتكم نبى يوحدكم على نهج الوئام
ومصحفكم وقبلتكم منار للأخوة والسلام
وفوق الكل رحمن رحيم إله واحد رب الأنام
كما أنه لا أحد ينكر الدور الذى قام به على الحجار لتحفيز الشعب للخروج على النظام حينما قال (احنا شعب وانتو شعب )
ناهيك عن دور الكتاب والمخرجين والمبدعين والمطربين والممثلين لاثارة الناس ضد النظام
فالكاتب والأديب والمبدع والمؤلف والشاعر والمصور والداعية فى المسجد أو الكنيسه والأب وصاحب العمل كل منهم له دور فى الثورة لا يقل عن دور صاحب الكر والفر فى الميدان

وهى لا تكون الا لمطالب عامة لا تتحقق الا بتغيير النظام القائم بأكمله فالمطالب الفرديه أو الفئوية لا تكون بثورات ولكن بمظاهرات ووقفات احتجاجيه فاذا كان هدف الثائر تحقيق مجد شخصى او مطلب شخصى فستنتهى ثورته بمجرد تحقيق مطلبه وقد حدث ذلك حيث كان الاعتصام فى التحرير على أشده ووجه الرئيس السابق حسنى مبارك خطابه ووافق على تصحيح العضويات وتنفيذ الاحكام القضائيه فانسلخ من الثورة احد الصحفيين الكبار بعد أن رفعه الشعب فوق الاعناق عند انضمامه لمجرد أن لبى مطلبه فى تنفيذ حكمه فهو ليس صاحب قضية عامه بل صاحب قضية تنفيذ حكمه الذى حصل عليه وامتنع مجلس الشعب عن تنفيذه

ولا تكون ثورة عيش فقط فليس هناك ثورة غلابة أو فقراء أو جياع ولكنها تسمى انتفاضة واحتجاج لا ترقى لدرجة الثورة فتستطيع ان تنهها بمجرد أن تضخ لهم ما يلبى مطالبهم ويملأ بطونهم ويعودون الى بيوتهم دون احداث أى اثر
ولا يشترط فى الثائر طيف أو لون أو تجاه أو فلسفه معينه أو غنى أو فقر أو وقع عليه ظلم مباشر أو لا ولكن يكفى ان تتحقق فيه الوطنية وارادة التغيير من أجل الوطن
فقد ترى من هو مستفيد من النظام ومعدود من أذرعته ويثور ثورة الأحرار رافضا الظلم ورافضا تردى الحالة السياسيه والاجتماعيه والاقتصاديه فى وطنه وربما يدفع ثمنا كبيرا لذلك
وتجد آخر عبدا ناخعا لا يهمه الا أن يعيش ممتلأ البطن تابعا راضيا ذليلا ويدفع الأحرار ثمن حريته كى يحرروه ولكن يأبى الا أن يعيش عبدا
وقد تكون ثورة بيضاء وهى خروج الشعب للإطاحة بنظام ما بطريقة سلمية لا يستعمل فيها السلاح
وقد تكون ثورة مضادة ضد أوضاع ناتجة عن ثورة أخرى والعودة إلى الوضع السائد قبل الثورة الأولى كما حدث في أوروبا في القرن التاسع عشر حيث عاد النظام الملكي إلى عدة بلدان بعد الإطاحة به
هذا بالنسبة للثورة فى مفهومها العام
وقد تكون الثورة فى عالم التكنولوجيا وهى التقدم الهائل فى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الذى اعطى قدرة فائقة للحركة المعلوماتيّة على المستوى العالميّ بتجاوز كل حواجز القوميّات
وقد تكون ثورة صناعية كما حدث فى بريطانيا وقد تكون ثقافية كما حدث فى الصين
ومن المعروف أن الأنظمة يحكمها الدستور ولا يتغير نظام الدولة إلا طبقا للدستور الذى يضعه الشعب فمن المعروف أن الدولة – أى دولة – لا تقوم الا بثلاثة أركان ( شعب) و(إقليم ) يعيش فيه هذا الشعب (وسلطة أو نظام )يختاره هذا الشعب لتنظيم الحياة على هذا الإقليم فالشعب هو أصل الدولة وهو مصدر السلطات فلا سلطة ولا دولة بغير شعب والسلطة التى تحكم هذا الشعب تحكمه بناء على عقد دستورى بينها وبين الشعب يخضع له الطرفان فلا يستطيع النظام الحاكم أن يحكم بالمخالفة لهذا الدستور ولا يستطيع الشعب ان ينحى نظامه الحاكم الا طبقا لنصوصه وهو ما يسمونه بالمشروعية أو مبدأ سيادة القانون

ولكن على سبيل الاستثناء قد يحدث غشا أو خطأ أو تدليسا للشعب عند اختيار النظام أو السلطة فيخرج الشعب بارادة صحيحة وحرة خالية من عيوب الارادة – كالخطأ والتدليس والغش وافتعالات الازمات للايحاء بفساد النظام – غاضبا ثائرا ضد هذا النظام فيطيح به فالثورات تقوم من الشعوب على الانظمة الفاسدة
أما النظام الصالح فلا يتغير الا بناء على العقد الدستورى بينه وبين الشعب الذى حدد مدة حكمة وسلطته على هذا الشعب مدة واضحه !
ولكن قد يكون هذا النظام –الصالح – حديث عهد باسقاط نظام كبير عالمى كما هو الحال عقب سقوط الخلافة العثمانية ويكون هناك عدو محتل قوى يريد التفتيت للمتبقى من تلك الدول !
وقد يكون مطلب تغيير النظام عقب انهيار نظام وتولى نظام جديد قائم ولازال فلول النظام القديم قائم!!
فهنا –فى الحالتين السابقتين – لا تحدث الثورات بل تحدث الانقلابات فيقوم الخصم المتربص الذى يريد التفتيت وتنصيب السلطه الجديده للعالم باحداث انقلاب من عملائه فى النظام ويغير النظام القائم بهذا الانقلاب وهو ماحدث فى كثير من الدول العربيه بعد سقوط الخلافه العثمانيه بسنوات

أو يقوم المتبقى من النظام القديم أو ما يطلق عليه فلوله بتنظيم صفوفهم واختلاق الازمات وتضليل اراة الشعب وتغييب وعيهم حتى يثوروا على نظامهم ويلبس هذا النظام انقلابه ثوب الثورة الشعبية وهو ما حدث فى بعض الدول الاوربيه قديما

نسأل الله تعالى أن يجنب بلادنا الفوضى وأن ينعم عليها بالاستقرار والرخاء وان يمن على الشعب بالتفاهم والتناغم والاتحاد لمواجهة أعداء الوطن فى الداخل وفى الخارج من العملاء والخونة اخوان آل صهيون
(صورة أرشيفية لثائرات 30 يونيه ضد النظام )

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى