منوعات

الحاشيه

بقلم خالد جمعه

في أيامنا هذه، نجد أنه بمجرد تولي المسئول لمهام منصبه يكون أمامه خياران عند اختيار أفراد حاشيته، فإما أن يختارها من أهل الثقة، وإما أن تكون من أهل الخبرة. فأهل الثقة يضمن بهم المسئول استمراره في كرسيه، حتى ولو لم يؤدِ المهام المنوطة به. أما أهل الخبرة فيؤدي بهم المسئول عمله على أكمل وجه، ولكن يكون استمراره في منصبه محل شك كبير.
ولذلك يفضل الكثير من المسئولين إحاطة أنفسهم بحاشية من أهل الثقة، لضمان بقائهم واستمرارهم في مناصبهم لأطول وقت ممكن، بغض النظر عن اعتبارات مصلحة البلاد أو العباد. فالمصلحة الشخصية عندهم أهم من أي شيء آخر.
ويشيع بين الناس مقولة، مفادها ” إن الوزير إذا دخل الوزارة فقد نصف عقله، فإذا خرج منها، فقد عقله كله “. وذلك مما يجده أثناء توليه لمهام منصبه من صلاحيات وامتيازات. فهو سيد مطاع، يخضع له الجميع بتنفيذ الأوامر، ويدين له الكل بالطاعة. فإذا خرج من الوزارة طار عقله من فقدانه لكل ذلك النعيم الذي كان فيه، ومن تغير الناس له، وتنكرهم لشخصه.
ومن ناحية أخرى، بمجرد تولي الوزير لمهام منصبه، يلتف حوله حاشية من المسئولين، هدفها إحباطه عن أداء دوره، أو محاولة حبسه داخل مكتبه. وتعتبر هذه الحاشية من أهم أسباب فشل الوزراء. ويكون أفراد تلك الحاشية ممن يقلبون الأمور والصور، ليجعلوا من الصورة المضيئة صورة معتمة، أو من الصورة المعتمة صورة مضيئة، حتى تنقلب الموازين أمام الوزير. وهناك من الوزراء من يستسلم ويذعن، إلا أن هناك منهم من يرفض كل القيود المفروضة حوله، ويصر على نزع جدران مكتبه والانطلاق إلى مكاتب أفراد وزارته للتعرف بنفسه على المشاكل دون وسيط قد يغير من الصورة.
وتتنوع أهداف بطانة السوء من حجب الناس عن المسئول. فمنهم من يريد أن يقوى نفوذه ويكون هو صاحب الأمر والنهي. فالمسئول لا يعرف غيره، ومن ثم ينقل أوامره إليه. ويكون عليه هو إبلاغ تلك الأوامر إلى بقية المرؤوسين. فيبلغها إليهم وكأنه هو من أصدر تلك الأوامر.
ومنهم من يحاول استغلال قربه من المسئول في تحقيق المكاسب الخاصة من جراء علاقته به. فهو يلهث ورائه لانتزاع توقيعاته بالموافقة على أسفار واجتماعات ومقابلات يقوم بها، ليجمع من ورائها من الأموال التي ما كان يحلم أن يجمعها في حياته بعيدا عن ذلك المسئول.
ولذلك فهذه النوعية من بطانة السوء لا تطيق أن ترى أحدا غيرها في مكتب المسئول. ذلك أن دخول أي فرد إلى المسئول، إذا أثبت كفاءة ما، ففي ظن تلك البطانة أنها ستُحرم من مكانها بقرب هذا المسئول، ومن ثم فستُحرم من النعيم الذي تعيش فيه
وربنا يرحمنا برحمته

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى