عالم الفن
القائمة النهائية للبوكر العربية منها فردقان ليوسف زيدان
كتب محمد محسن
أعلنت لجنة تحكيم الجائزة العالمية للرواية العربية 2020، القائمة القصيرة للروايات المرشحة لنيل الجائزة فى دورتها الثالثة عشرة، وذلك خلال مؤتمر صحفى عقد فى متحف حضارة الماء بمدينة مراكش المغربية؛ حيث تضمنت القائمة ست روايات تم اختيارها من بين 16 رواية دخلت القائمة الطويلة، وهى صادرة باللغة العربية بين يونيو 2018 ويوليو 2019.
ويتنافس الكتاب المرشحون للفوز بالجائزة الكبرى والبالغة قيمتها 50 ألف دولار أمريكى، فيما يحصل كل كاتب وصل إلى القائمة القصيرة على مبلغ 10 آلاف دولار أمريكى، وذلك خلال حفل الإعلان عن الرواية الفائزة يوم 14 إبريل المقبل فى أبوظبى.
وجاءت عناوين الروايات التى وصلت إلى القائمة القصيرة للجائزة: «فردقان» يوسف زيدان، دار الشروق، «حطب سراييفو» لسعيد خطيبى، عن منشورات الاختلاف، «ملك الهند» لجبور الدويهى، عن دار الساقى، «الحى الروسى» خليل الرز عن منشورات ضفاف، «الديوان الإسبرطى» لعبدالوهاب عيساوى عن دار ميم للنشر، «التانكى» لعالية ممدوح، منشورات المتوسط.
وتستعرض الشروق الرويات الست فى السطور التالية:
• «فردقان».. تعيد بناء حياة الشيخ الرئيس ابن سينا
بين أسلوب السرد الذاتى وتقنية الراوى العليم، تدور رواية «فردقان»، للروائى الدكتور يوسف زيدان، والصادرة عن دار الشروق، تقدم صورة كاملة عن حياة الشيخ الرئيس ابن سينا، منذ طفولته فى بخارى وبداية نبوغه فى الطب، ثم سفره وعلاجه لأمراء وفقراء زمانه، كما تقدم صورة عن «أعماله، أفكاره، فلسفته، ومشاعره الداخلية، وانعكاسها على كتاباته، لتعيد بناء حياته والعصر الذى عاشه، والحكام الذين عاصرهم، كما تتطرق بالتفصيل إلى فترة اعتقاله بداخل قلعة «فردقان»، وكيف أثرت هذه الفترة وانعكست على شخصيته وتفاصيل حياته، وكذلك كتاباته أيضا.
والرواية التى استغرقت عامين من الكتابة، تعيد تصحيح بعض المعلومات الخاطئة حول «ابن سينا»، فتبرز أن ما يتردد بين الناس من أن ابن سينا عالم ملحد، غير صحيح، وكذلك أنه ليس فارسى الأصل مثلما يظن كثيرون، بل إن والده أفغانى، وأمه خوارزمية «أوزبكية»، لكنه عاش معظم حياته ببلاد فارس، كما تعرض الرواية أسماء لمجموعة من الأطباء العظماء فى تلك الحقبة، وغير المعروفين فى عصرنا الحالى، وكذلك تظهر الاضطرابات السياسية والصراعات الدامية على السلطة بين الحكام المسلمين فى ذلك الوقت.
• «حطب سراييفو».. عن الحرب ومآسيها
ما بين الجزائر وسراييفو، تدور أحداث رواية «حطب سراييفو» لسعيد خطيبى، والصادرة عن منشورات الاختلاف، لتسرد حكايتين منفصلتين، الأولى بطلها «سليم دبكى» الشاب الصحفى الجزائرى، الذى يتلقى من عمه المهاجر دعوة لزيارته فى سلوفينيا، فيجدها فرصته الوحيدة للهرب من وطنه بعدما ضاقت فى وجهه كل السبل وسكن قلبه الخوف من أن يصبح الضحية الجديدة لرصاص الغدر مثلما حدث مع رفاقه، والثانية بطلتها «إيفانا» الفتاة البوسنية الحالمة والطموح والتى تسعى إلى أن تصبح مؤلفة أو ممثلة مسرح، ولكن كل شىء يقف أمام حلمها.
وما بين الأحلام والمآسى لـ«سليم دبكى» والآمال والمصائب لـ«إيفانا» ينتقل السرد بسهولة وانسيابية، ليعطى للقارئ صورة بانورامية للمأساة الإنسانية والدمار الذى خلفه الحرب التى لحقت بالبلدين؛ حرب البوسنة والهرسك فى التسعينيات، والعشرية السوداء فى «الجزائر»، ليكتشف القارئ من خلال ما يحكيه «سليم» وما تقوله «إيفانا» مدى التشابه الكبير فى حكايتهما وما حدث فى بلادهما من قتل وذبح وتشريد وتهجير واغتصاب وتيه وضياع وخيانة.
• «ملك الهند».. خرافات الذهب وحروب الأشقاء
تسرد الرواية الصادرة عن دار الساقى، الظروف الغامضة، التى يعثر فيها على زكريا مبارك مقتولا عند حدود قريته، تل صفرا، بعد أيام على عودته من غربة طويلة بين أوروبا وأمريكا وأفريقيا، لقد اختار العودة محتفظا بلوحة «عازف الكمان الأزرق» لمارك شاغال، التى أهدتها له صديقته الباريسية.
ويصف الروائى اللبنانى جبور الدويهى مشهد القتل أو ربما الانتحار؛ «وفى يوم من أيام الخريف الرائعة، بدأت فيه أوراق الشجر تتلون بين الصفرة والاحمرار، رأته جماعة من المتنزهين من بعيد جالسا مرتديا بذلة الكتان كمن كان يستريح وغفا، اقتربوا منه فرأوا بقعة الدم الكبيرة تلوث بياض سترته، طلقة رصاص واحدة لجهة القلب قتلته!». لتدور الشبهات حول أبناء العمومة الذين ربما قتلوه؛ طمعا فى كنز توارثت العائلة أن الجدة «فيلومينا» أخفته تحت المنزل الذى شيدته لدى عودتها من أمريكا، وسجلته باسم عمهم وحده وليس والدهم، لذلك حين وجدت جثته أشارت أصابع الاتهام إلى أبناء عمومته قبل الجميع. يفضح «الدويهى» من خلال قصة مقتل زكريا مبارك خرافات الذهب وحروب الأشقاء مع حب النساء الفرنسيات ووعد الثروة الزائف وعداوات طائفية تظهر وتختفى منذ قرن ونصف.
• «الحى الروسى».. سوريا والحرب والسلم الضائع
تحكى هذه الرواية قصة حى يرفض الدخول فى الحرب الدائرة من حوله طيلة سنوات، ولكنه يجد نفسه أخيرا، مرغما على دخولها، فيدخلها بالحكاية وليس بالأسلحة. أبطال الحكاية هم زرافة فى حديقة الحيوانات، كلب بودول، كلبة أفغانية، وعصفور منسوج من الصوف. ومن الشخصيات الأخرى الراوى وهو مترجم يعيش فى حديقة الحيوانات فى الحى الروسى، وفيكتور إيفانيتش صحفى روسى سابق يعمل حاليا مديرا لحديقة الحيوانات، وأبو على سليمان أستاذ لغة فرنسية وصاحب محل ألبسة، عصام بطل شعبى يعمل فى كباريه ورشيدة المغربية عازفة عود سابقة فى كباريه، أركادى كوزميتش كاتب روسى مغمور ونونا بنت عازف كلارينيت تنسج الصوف وتعيش مع الراوى فى حديقة الحيوانات، وآخرون.
*«الديوان الإسبرطى».. تاريخ الجزائر والواقع العربى الآنى
تدور رواية «الديوان الإسبرطى» لعبدالوهاب عيساوى، والصادرة عن منشورات ضفاف، حول خمس شخصيات تتشابك فى فضاء زمنى ما بين 1815 إلى 1833، فى مدينة المحروسة، الجزائر. أولها الصحفى ديبون الذى جاء فى ركاب الحملة على الجزائر كمراسل صحفى، وكافيار الذى كان جنديا فى جيش نابليون ليجد نفسه أسيرا فى الجزائر، ثم مخططا للحملة. ثلاث شخصيات جزائرية تتباين مواقفها من الوجود العثمانى فى الجزائر، وكما تختلف فى طريقة التعامل مع الفرنسيين، يميل ابن ميار إلى السياسة كوسيلة لبناء العلاقات مع بنى عثمان، وحتى الفرنسيين، بينما لحمة السلاوى وجهة نظر أخرى، الثورة هى الوسيلة الوحيدة للتغيير. أما الشخصية الخامسة فهى دوجة، المعلقة بين كل هؤلاء، تنظر إلى تحولات المحروسة ولكنها لا تستطيع إلا أن تكون جزءا منها، مرغمة لأنه من يعيش فى المحروسة ليس عليه إلا أن يسير وفق شروطها أو عليه الرحيل.
• «التانكى» ذكريات العراق ومستقبله المجهول
اختارت الكاتبة العراقية عالية ممدوح، لروايتها الأحدث عنوان «التانكى» تماسا مع شارع فى بغداد؛ حيث تعيش فيه عائلة «عفاف» بطلة الرواية التى تختفى ولا يعرف أحد إلى أين ذهبت، لتنسج الروائية من خلال هذا الاختفاء خيوط روايتها، التى تفتح من خلالها الأبواب للدخول إلى عوالم الألم والانكسار فى وطنها العراق، ونافذة الأمل والحلم والقسوة فى باريس.
والرواية الصادرة عن منشورات المتوسط، تشبه السفينة التى تضم بداخلها كل ما تبقى من روح العراق، بحسب وصف الروائية؛ حيث جمعت فيها الشخصيات العراقية الحقيقية والخيالية من فنانين ومثقفين وصعاليك وسكارى وأدباء، وأسكنتهم بداخل الرواية وكأنهم فى سفينة نجاة تحمل كل حقائق الكون.