مقالات

خاتمة ومقدمة رواية متلازمة الزنزانة للأديب حمدي بهاء الدين

كتب لزهر دخان
عندما ينتصر الإنسان على كل معظلة ومشكلة وأزمة نصراَ إفتراضياَ يصبح من تلقاء نفسه كاتب . وبالكتابة تكون طريقة الحل أبسط وأسهل عندما يقدمها إلى مجتمع يمكن أن يتقدم بها إلى الأمام . وإننا نجد الأفكار المجدية الفعالة في كتابات جميع من إمتهن الأدب. أو ما هو أقل منه مكانة من الكتابات كحديث السياسة. أو أي نوع أخر من الدراسات النفعية . إذا لا بد أن نستنتج أن غير الكتاب من البشر العادي لا يملكون حلولا في رؤوسهم لمئاسي وأزمات الناس . وكذلك لا بد أن لا ننسى الذئاب والوحوش والكلاب من المفكرين المراوغين الذين وضع الله في رؤوسهم حلولاً . ولكنهم إحتكروها لأنفسهم وطوروا بها جشعهم وبشاعتهم . فلم يسل لهم مداد ولم ينبض لهم فؤاد من شدة حرصهم على سلامة أنفسهم .
دعاني أحد أصدقائي الكتاب إلى قراءة روايته الجديدة التي إختار لها إسم متلازمة الزنزانة . وفي نفس الوقت عرض عني قراءة روايته الأخرى إمرأة من الماضي . ولأنه رجل غزير الإنتاج الأدبي الثقافي وتعددت مؤلفاته وتنوعت ، فمنها الرواية والشعر والمقالات . قلت لماذا لا أقتبس لكم من مكتبة مؤلفاته .
إنه المفكر والأديب المستشار العربي المصري حمدي بهاء الدين. ولأ الحكمة تقول أن المنفعة عندما تعم تعظم . أنا أأمل أن يطالكم النصح والعيش والملح من عذب مذاق ما يخطه قلم من مصر . وإن الأقلام عندما تكون مصراوية غالبا ما يرسم مدادها الخطوط مستقيمة ..
يُهدي حمدي بهاء الدين رواية إمرأة من الماضي إلى
إلى كل إمرأة ذاقت مرارة كل قهر وأستعبدتها الظروف . وهذا المهم فالإهتمام بالسيدات أعظم فكرة قد تهشش أصلب الصعاب
. ثم إن فكرة إحترام صمود المرأة لا تزال غير مكتملة في عروبتنا . وهذا ما ركز عليه المفكر حمدي فذكر بها وأهدى لها روايته لآنها إمرأة صامدة فى مواجهة تقاليد بالية ومتحجرة. ثم إستدار إهداء الأديب إلى من فقدن معاملة الأدب والرفق والشهامة وخصص لهن ريع روايته من التحية ، لآنهن عشن رغما عن إرادتهن حياة سيرفضنها إذا كن حرات.
ولم ينسى الكاتب إمرأة واجهت عقداً نفسية وأعمال سحر سفلية . فخصص لها بعض شفقته إن لم نقل كل رحمته .
مقدمه رواية متلازمة الزنزانة بقلم حمدي بهاء الدين
في تقديمه ووصفه لرواية متلازمة الزنزانة يقول الأستاذ حمدي (لقد تعمدت أن أكون فى هذه الرواية مباشرا عارضا الأشخاص والأحداث بدون أقنعة وبدون مساحيق التجميل وبدون سرد لغوى ومظاهر بلاغية وتصوير الإبداع الوصفى لكنها مباشرة عارية من كل خيالات الوصف السردى )
صراحة لقد شدني هذا الوصف وإثطرني إلى السير بفضول خلف المؤلف فربما أقتفي أثر قلمه وأفهم أين إرتحل ليجد من هم دون أقنعة ومساحيق.
((عمدت أن تكون الوقائع متلاحقة متسارعة والأفكار مباشرة ، وأن تكون الفكرة فى متناول كل العقول خاصة وأنها نماذج تكاد تكون حقيقية نشعر أننا نعرفها ونعرف حكايتها بل أن الوقائع الواردة بالرواية من حبكة درامية مع أبطالها تكاد تكون تمر أمامنا الأن ومع أشخاص نعرفها بالفعل ، بل ربما تكون تتكرر معنا نحن شخصيا))
((عمدت أن تكون روايتى غوصا فى أعماق الشخصيات وليس غوصا فى أعماق المكان ولا الطقس فلم أصف الثورة ولا ظروفها ولا أسبابها ولا آثار نتائجها لأن ذلك ربما يختلف تفسيره من شخص لأخر بحسب المصالح والهوى والدوافع لدى كل شخص لكنى وصفت حالة الشخصيات وتأثير تلك النتائج عليهم بشكل مباشر ولم أصف الزنزانة ولا ضوابط السجن ولا المعاملة التى يتلقاها المحكوم عليهم سواء بالسلب أو الايجاب
لكنى تعرضت لبعض من الحالة النفسية للمسجون وعلاقته بغيره من المحكوم عليهم ومدى التأثير السلبى من إدانة برئ إلى متوالية قهره داخل محبسه إستمرارا لمتوالية قهره خارج أسوار السجن ))
(تعرضت للنتائج السلبية للتهميش والإبعاد والقهر والسجن ظلما على شخصية الإنسان وتوجهه فى الحياة
وكيف تحول الأنظمة والقوانين العرجاء وعدم الإنصاف والعدل إلى تحويل المواطنين إلى مرضى نفسيين بل تحولهم الى إرهابيين أو إلى نزوحهم وهجرتهم والكفر بالوطن )
تعرضت إلى التمييز بين المواطنين على أساس الدين
والسلطة والثروة وإنعدام العدالة الإجتماعية والمساواة بين المواطنين وفكرة المواطنة وجرائم الواسطة وما يمكن أن تؤدى إليه من نتائج سلبية
تعرضت الى الفكر الإرهابي والجماعات المتطرفة وتصادم مصالحها وتساءلت من ورائها دعما وتكليفا وتمويلا
تكلمت عن إنتهاك إنسانية المرأة وإهدار كرامتها بين الجماعات المتناحرة والمحسوبة فى النهاية على التيار الاسلامى
تكلمت عن ذلك كله بصدق ناقلا الواقع بخيال محدود وببلاغة ينطق بها الواقع وتصورها الوقائع والأحداث
حاولت أن أكون قريبا من المشهد الحقيقى ناقلا له كما هو ، لا أتزيد فى وقائعه ولا أبالغ فى مشاهده
ووضعت نفسى على مسافة متساوية من الشخصيات حتى لا تنزلق قدمى فى بئر التعاطف مع أى شخصية
فيدفعنى الهوى إلى المبالغة ويدفعنى التعاطف إلى التهويل والتضخيم
فى النهاية رواية متلازمة الزنزانة ما هى إلا صرخة فى وجه الظلم والرشوة والواسطة والمحسوبية والإتهامات المعلبة وغياب العدالة بين دهاليز السلطان وأخذ الناس بالشبهات والتمييز الدينى والطبقى
ومحاولة لتلافى السقوط فى بئر الإنحراف الفكرى أو العقائدى والتطرف أو السلبية وعدم المبالاة والخروج من العلاقات الإجتماعية والإنطواء
ولا يسألنى أحد هل هذه الشخصيات حقيقة ولينظر الجميع حولهم ويبحثون عن تلك الشخصيات فيمن يعرفون وأنا على يقين أن بحثهم لن يذهب سدى
فهذه الشخصيات ربما تكون على بعد خطوات منهم
خاتمة رواية متلازمة الزنزانة
ان رواية متلازمة الزنزانة تتشابه فى أحداثها مع أحداث الكثير من الحكايات التى حدثت عقب ثورة 25 يناير بل حدثت فى أزمنة وأنظمة قبل 25 يناير
فهى حكاية متكررة لأن متوالية الظلم لا تنتهى ، ومتوالية القهر لا تقف عند زمن معين ، ومتوالية صراع السلطة لا تقف عند نظام معين
فهذه الرواية تكشف نهم السلطة وأخذ الناس بالشبهات وعدم التيقن والتثبت من الاتهامات وأن النظام القمعى أكثر خوفا من المواطنين وأنه فى سبيل مواجهة خوفه
ربما يدهس فى طريقه الأبرياء الذين يحولهم من اسوياء الى مرضى نفسيين أو مجرمين أو قتلة وارهابيين
ان الزنزانة لا تصلح نفسا ولا تقوم سلوكا بل هى استمرار لمسلسل القهر طالما لم يكن فيها تأهيل وعلاج وطالما ميزان العدل غير متزن وغير معتدل وبه ميل وبه غبن
الزنزانة تفرخ مجرم أو ارهابى وان أصلحت وقومت فان من يخرج منها يحتاج الى علاج نفسى مكثف ومن مختص وليس مجرد موظف يؤدى روتين وظيفته بلا علم وبلا حرفية وبلا مهارة
وأن منظومة السجون تحتاج الى اصلاح وتطوير وألا يقتصر التطوير على البناية والأثاث
بل يجب أن يشتمل على تطوير التفكير ومنهج الاصلاح
ووسائل علاج وتقويم نفس المحكوم عليه
وأن يتم تأهيل المحكوم عليه نفسيا قبل الافراج عنه ومتابعته ببرنامج تأهيل نفسى بعد الافراج عنه
وأن يتم ايداع المحكوم عليه فى سجن قريب من محل اقامته حتى نخفف عبأ الزيارة عن أهليته وذويه
وأن يتم حجز الزيارة أون لاين وأن تكون الزيارة بلقاء مباشر وليس من خلال حاجز السلك وأن تكون مدة الزيارة مناسبة ومعقولة
وأن يكون هناك تفتيش دورى وممنهج للزنازين ومتابعة للمحكوم عليهم لمنع قهرهم داخل محبسهم
ان رسالة رواية متلازمة الزنزانة الى النظام بضرورة رعاية مواطنيه وعدم التمييز بينهم والمساواة فى الفرص
وعدم اخذ الناس بالشبهات والتيقن قبل الاتهام
والحكم بالعدل وبأدلة دامغة وليس مجرد دلائل مسطورة فى أوراق لا قيمة لها ولا ثمن
ان رسالة رواية متلازمة الزنزانة هى صرخة فى وجه التمييز العنصرى الدينى والطبقى اعلاءا لقيمة الانسان وأن نحاول أن نلحق بالغرب بأن يكون غايتنا الانسان قبل الجدران
فى النهاية رسالة رواية متلازمة الزنزانة هى صرخة فى وجه الظلم والتمييز

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى