بقلم : مـحـمـد جـمـال
نحن المسلمون اعتادنا ان نستقبل عيد الاضحى فى هذه الايام المباركة كل عام بحفاوة بالغة ، فالبعض يصوم العشر الاوائل من ذى الحجة لكى يتقرب من المولى – عزوجل – وينال رضاه ثم بعد ذلك يصوم المسلمون جمعيا يوم وقفة عرفات منتظرين العيد بكل بهجة وسرور ، وعندما يأتى صباح أول أيام العيد يؤدى المسلمون صلاة العيد ذاكرين المولى – عزوجل – منصتين لخطبة العيد التى تحمل فى طياته كل معانى النصح والارشاد للمسلمين وبعد الصلاة يقبل هؤلاء على ذبح الذبائح متخذين من القصة المشهورة التى جرت بين الخليل ابراهيم وولده اسماعيل – عليهما السلام – عبرة وعظة ، ولكن هل هذه الطقوس كانت موجودة فى عصر مثل عصر الفاطميين ؟ سنتناول هذا الامر جيدًا ولكن قبل التحدث عن هذه الطقوس لابد أن نعطى نبذة يسيرة عن الفاطميين ، فمن هم الفاطميين ؟
الفاطميون هم فرقة من فرق الشيعة ادعوا الانتساب الى السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله –ص- والامام على بن أبى طالب – كرم الله وجهه – ، هؤلاء فروا بمذهبهم الى بلاد المغرب تلك البلاد التى تأصلت فيها الدعوة الشيعية من قبل وذلك بعيدًا عن عيون العباسيين السُنيين واضطهادهم لهم ، وبعد أن نجحوا فى ارساء دعائم مذهبهم فى هذه البلاد أخذوا يوجهون حملاتهم صوب مصر حتى نجحوا فى غزوها بسبب ضعف الدولة العباسية فى بغداد والدولة الاخشيدية فى مصر
ولما دخلوا مصر واصبح فى ايديهم زمام الامور فرضوا سيطرتهم على جميع نواحى الحياة سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا حتى فى الاعياد والمناسبات مثل عيد الاضحى – موضع حديثنا – كانت لهم فلسفة فى طريقة احتفاله .
ففى هذا العيد المبارك كانت مراسم احتفاله تتشابه مع مراسم الاحتفال بعيد الفطر عند الفاطميين فكانوا فى يوم وقفة عيد الفطر يقومون بتنصيب مائدة كبيرة فى الايوان الكبير الذى يقع امام مجلس الخليفة الفاطمى وصل طولها الى ثلاثمائة ذراع وعرضها الى سبعة أذرع ، وكانت هذه المائدة تحتوى على أنواع عديدة من الطعام والحلوى أنواع لا يتخيلها عقل
أما الخليفة الفاطمى فقبل شروق شمس أول يوم العيد وبعد آدائه لصلاة الفجر يعود الى مجلسه المُقام أمام الايوان المنصوب فيه المائدة التى ذكرنا وصفها .
وفى صباح أول ايام هذا العيد يخرج الخليفة فى موكبه لاداء صلاة العيد ومعه الجنائب والعسكر ، وبعد آدائه لصلاة العيد يجد مائدة أخرى تحتوى على أنواع كثيرة من أصناف الشواء والحلوى وكان يتردد عليها كبار رجال الدولة و أصحاب الشأن الرفيع .
ولكن لما يأتى عيد الاضحى – بجانب قيام هذه المراسم المذكورة – يخرج الخليفة الى المنحر فى الايام الثلاثة الاولى من هذا العيد ويشترك أيضًا فى النحر وأعماله ، ولما ينتهى ثلاث يوم العيد ينعم الخليفة الفاطمى على وزيره ثوبه الاحمر الذى كان يرتديه أول يوم العيد
هذا هو عيد الفطر المبارك وعيد الاضحى أيام الدولة الفاطمية ، وإننى لم أقصد فى هذا المقال التباهى بالفاطميين والاقتداء بهم ، فهؤلاء دانوا بمذهب يتعارض تمامًا مع مذهبنا ، ولكن القصد من هذا المقال أن أعرض هذه الاعياد المباركة فى عصر من العصور , ولكى أبرز رسالة تحثنا بأن يجب علينا أن نحتفل بهذه الاعياد وفقًا لدينُنا الحنيف ومذهبنا السُنى
أعاد الله عيد الاضحى المبارك علينا باليُمن والخير والبركات
مرتبط