الشارع المصرى

طارق الكرداوى وهوامش على مسلسل #النهاية

كتب/حماده جمعه
#في_البداية ، لا أنكر شغفي الكبير واهتمامي، منذ اللحظة الأولى لمشاهدتي الإعلان الترويجي (البرومو) لمسلسل #النهاية ،
الفكرة ذاتها في صنع أول مسلسل خيال علمي في العالم العربي ، جديرة بالاحترام ، وتستحق الشكر والثناء، لكل من، الكاتب المتميز “عمرو سمير عاطف” صاحب الأعمال الفنية المبدعة “الصياد ، رقم مجهول ، كفر دلهاب ، وفيلم أولاد العم .. وغيرها )

وكذلك للفنان المبدع “يوسف الشريف” الذي يحرص دوما على انتقاء أعماله بعناية ، وعلى احترام المشاهد العربي، وتقديم ما يليق به وبعقله وقيمه، فلا نجد له أعمالا مبتزلة أو تافهة أو إسفاف

《وغالبا ، العديد من الأعمال المتميزة التي ستحفظها ذاكرة الدراما الحديثة ، سنجد هذا الثنائي المحترم “عاطف” و “الشريف” يشتركان في صنعها 》

بدأ المسلسل بحلقات قوية ، وقدم رؤية لعمل درامي متماسك وبديع ، فكرة عبقرية ، #اسقاطات على واقعنا المزري :
التعليم الانتقائي ، يد الأمن الباطشة ، استعباد الناس باحتياجاتهم الملحة ، إشارات لعدائنا التاريخي مع دولة الاحتلال ، ونهايتها المحتومة التي وعدنا بها الله ، تعظيم للمدينة ذات المكانة الفريدة في قلوب المسلمين والعرب “القدس” ، إشارة للماسونية وخططها للهيمنة على العالم، إشارة لخطر التكنولوجيا على البشرية ومستقبلها ، التنبوء بصنع عالم خاص لأصحاب الأموال والثروات (الواحة) مأوى ، يبتعدون فيه عن الأرض التي سيضربها التلوث والظلم والفقر جراء الحروب ،

أبدع المخرج في اظهار الفارق بين الزمنين الحاضر والمستقبل ،بدا الحاضر فيه ، بإضاءة قوية وشمس مشرقة ، ومفردات نألفها ونعتاد عليها ، بينما المستقبل ، ظهر بشكل مغاير تماما لكل ما نألفه ، سواء على مجال الديكور أو الإضاء أو حتى الملابس (وهو أمر أجاده بحق ، ويستحق الإشادة عليه)

استمر المسلسل عدة حلقات ، بأحداث متلاحقة ومشوقة ، تجعلك تنام وأنت تحلم بما سيحدث غدا ، قبل أن يصاب فجأة في ثلثه الثاني ، بمرض أشبه بجلطات الدم ، برودة في الأطراف (قصدي الأحداث 😀) ، تنميل وتطويل وتيبُّس ، مط وشد ، وأحداث فرعية غير مفهومة ، وناس بتظهر حلقتين تلاتة ولا نراها ، حلقات لا تتعدى الخمسة عشرة دقيقة ، وفي أثنائها ، يتم سحلك وتعذيبك بأكثر من ساعة وربع إعلانات … بمعدل ثلاث دقائق مسلسل ، يليها 15 دقيقة إعلانات !!!

أصبح الملل سيد الموقف ، والتساؤلات التي لا يجيب عنها المسلسل ، تتعقد وتزداد ،

مشاهد تثير ضيقنا ، وأخرى ، سخريتنا ، وهي مشاهد ، قرر المخرج ، أن يأخذ فيها منحنى الاستسهال ، فلم يتم خدمتها بالقدر الكافي ، أو محاولة الإبداع فيها عن طريق الخدع البصرية ، كمشاهد صنع الروبوت واصلاحه ، وصناعة درع على الأرض ، جاء شبيه بأسياخ البطاطس الكرانشي )

ومشاهد لا نفهم كيف حدثت ، لمرور المخرج عليها سريعا (كلقاء المنتظر وقائد الأمن “مؤنس” وكيف توافقوا بهذه السرعة) (سبب موافقة الروبوت عزيز على صنع روبوت آخر ، مع علمه بنتائج ذلك الكارثية) (لماذا ترك الأمن “صباح” تأخذ الروبوت زين وتذهب به أمام أعينهم)
مع أن في المقابل، كان هناك مشاهد كثيرة، عبارة عن حشو ليس له أي داعي ، كان يمكن حذفها والاهتمام بشرح أوفى للأحداث التي يقدمها المسلسل ، أو التبحر خلف نظريات الماسونية ومن يقف ورائها ، ومن يدعمها ، وكيف يكون المنتظر عندهم هو الدجال في عقيدة المسلمين ، وعلاقة الماسونية باليهود ورؤوس الأموال والحكام)

وأكثر ما أحزنني هو وجود أحداث غير منطقية تماما ، كمشهد ضرب الأرض بقنبلة كهرومغناطيسية ، توقف فيها كل شيء إلكتروني أو كهربي ، بينما ظلت ثلاجة حفظ المهندس “زين” وتجميده ، تعمل لمدة 25 سنة ، حتى بعد تدمير الواحة !!!!
وكذلك طائرة المنتظر ، التي ظلت تطير ، بينما توقف كل شيء يعمل بالمحركات ، حتى أن الأرض عادت لركوب الخيل والعيش في الكهوف !!

وهي مشاهد ، كان يمكن بقليل من التفكير ، تلافي الأخطاء فيها ، كأن يتم استبدال الأول مثلا ، بوضع المهندس “زين” في آلة زمن ، تقفز به 25 سنة ، بدلا من تجميده !

أو الاستغناء عن مشهد الطائرة تماما ،فيلجأ المنتظر ومعه مؤنس للاحتماء داخل كهف على سبيل المثال !

وللأسف ، كما جاءت نهاية “كفر دلهاب” عجيبة وبها ثغرات كثيرة (وهي من أعمال المؤلف “عمرو سمير عاطف”) كذلك جاءت نهاية “النهاية” !

وفي مجمل الحلقات ، تشعر وكأن صناع الثلث الأول للمسلسل ، تم تغييرهم واستبدالهم بصناع جدد !!
أو جهة ما تدخلت “بغُشم” في عملهم ، فأبدلته وغيرت فيه !!

وعلى الرغم من عبقرية الفكرة ، والجرأة في الطرح ، وبعض المشاهد المبهرة في الحلقات الأولى من المسلسل ، وعدد من الجماليات في صورة المخرج “ياسر سامي” مخرج الكليبات والإعلانات ، لكن الدراما في المسلسل كانت فاشلة بامتياز ، أداء الممثلين بارد للغاية ، لم أتعاطف مع أي منهم ، ولم يتم التعمق في أي من شخصياتهم، بل لم نرَّ إبداعا في التمثيل ،
اللهم إلا في حالة الممثل “أحمد وفيق” قائد الأمن “مؤنس” ، وحالة الفنان “محمود عبد المغني” “الصحفي الذي كتب عن مؤامرة الماسونية)

بينما الفنان الذي احترم أداءه للغاية واعتبره من أقوى الفنانين المصريين على الإطلاق ، الفنان “عمرو عبد الجليل” كان يقوم بدور “روبوت” وبالتالي طبيعي ألا نرى عليه أية انفعالات ، فكان تمثيله مرضي ومُقنع

وعن بطل المسلسل الذي يعتبر اليوم الفنان الوحيد تقريبا ، الذي أسارع لمشاهدة أي عمل يقوم به ، مشاهدة عائلية مطمئنة مع أُسرتي ، لثقتي فيما يقدمه ، “يوسف الشريف” فاعتقد أن الإخراج الدرامي الضعيف والباهت ، هو ما أساء لصورة أداءه ، ولم يجعلنا ننبهر به كما كان الحال في مسلسلاته السابقة،

باختصار مسلسل النهاية ، مشروع عظيم، كان يمكن أن يصبح بصمة في تاريخ الدراما المصرية ، لكنه لم يكتمل ، وتم افتتاحه قبل موعده ، فجاء مشوها ، صادما لكل متابعيه ، محطما لسقف توقعاتهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى