مقالات

التسامح والسمعة وغروب الشمس

بقلم حمدى بهاء الدين
مجتمع مريض غير متسامح يأكل بعضة غيرة ونميمة وحسد سواء على المستوى الجمعى أو على مستوى الأفراد ، الجزاء والعقاب مقدم عنده على العفو والتسامح والمغفرة ، الذاكرة متحفزة وحاضرة فى الجريمة ، مغيبة عند الندم والتوبة ، دوما يتذكر رد الفعل وينسى الفعل والدوافع والظروف والملابسات ، صحيفة السوابق لا يمحها الزمن والندم والتكفير عن الأخطاء والجريمة إلا فى ظروف إستثنائية مريضة
مجتمع ندفع فيه ضريبة على أفعال غيرنا يتحمل فيه الأهل ضريبة جريمة إبنهم ويتحمل الإبن ضريبة جريمة عائلته بلا عدل ولا إنصاف ويمتد الأثر إلى أجيال وأجيال وتتوارثها الأجيال جيل بعد جيل
مجتمع يعرف القتل دون معرفة الظروف لا فرق عنده إن كان دفاعا عن المال أو العرض أو الكرامة ، ما إذا كان عدوانا أو دفاعا عن النفس حتى ولو كان تجاوزا لعذر الدفاع الشرعى فالجانى فى كل الأحوال قاتل
مجتمع يعرف السرقة دون معرفة ملابساتها سواء كانت بدليل أو بغير دليل ، دامغة أو ملفقة ، مدفوعا إليها الجانى بظروف أو بدون ، فهو فى كل الأحوال سارق
وصمة العار تلاحق المذنبون ولا إعتبار للتوبة ولا أثر للعودة للطريق المستقيم
العفو والنسيان فقط للمذنبين أصحاب السطوة والثروة والسلطة فهذه أشياء وحدها التى تغسل الذنوب والخطايا وإن كان لهم نصيب فى النميمة فى الخفاء ومن وراء حجب أما فى الوجه النفاق والإحترام والتبجيل والوقوف بين أيدى هؤلاء
مجتمع كل واحد فيه يرى نفسه طاهرا عفيفا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وأن كل الذنوب والخطايا من الآخرين
الذنوب والخطايا والسمعة لا تلاحق إلا الفقراء والطيبون والتائبون مهما تابوا وأصلحوا وعملوا عملا صالحا ، مهما ندموا بلا ذنب ، المرأة لا تغفر لزوجها والإبن لا يغفر لأبيه وهكذا الجميع ، الكل واقع تحت مقصلة الإبتزاز حتى صحيفة السوابق لا يتم محوها إلا بإجراءات معقدة رغم البراءة أو زوال أثر الجريمة وسقوط عقوبتها
والمجتمع الذى على هذا تغرب عنه الشمس ولا تشرق مرة أخرى
# بقلم حمدى بهاء الدين

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى