منوعات

إنفجَار مَرفأ بيروت ذكری بحجم الكارثة والإعلام لا يعطيها إلا حقوق الذكرى

مقالة لزهردخان
لا بد من الإنتظار فإنتظرت السيدة بيروت معتكفة في كل ما لا يزال صامدا فيها من منازل وبيوت . إنتظرت تسأل الله حقها وحقيقة تكشف ما حدث لمرفأها . ولم تنتظر سائلة أو راجية أن يشد أزرها أي كان . لا عرب ولا روم ولا أمريكان ولا بريطان أو طوليان . تركتهم يذرون الرماد في عيونها ما دامت قد تدمرت وتحولت أجزائها الثمينة إلى رماد أمين على عينها ، كيف لا وهو جزء من ترابها وحديدها وأخشابها وذرات من زجاجها ..
لا لشيء لم تتقنبل بتلك الطريقة إلا بيروت ، نعم إن الحادثة بدون سبب بدليل أن الجريمة تقادمت ولم يجد البطاريون أثر للإرهابيين .أو أثر لحماة الدار الحرمية .أو أثر لفاعل من الأعداء الخارجيين ..إذاً إن الحدث ربما بدون من أحدثه .. ولكن ليس هذا كل ما تريده العاصمة المتدمرة في تاريخ ذ04 أب أغسطس 2020 م . ولها طلبات ورغبات جميعها تتمسك بكونها قد تمسكت بحقها .ولا بد للذكريات أن تأتي ذات يوم والمجرم في الأصفاد خلف القضبان إنتقاماً لبحر ويابسة وسفينة وربان وطنهم لبنان..
((إنفجَار مَرفأ بيروت ذكری بحجم الكارثة والإعلام لا يعطيها إلا حقوق الذكرى ؟)) هذا العنوان يحتوي على سؤال كبير . ولا يمكن إلا للعقل الكبير إستيعابه ثم الرد برد يشفي السائل .. إنه عنوان مقالتي الخاصة بذكر إنفجار مرفأ العاصمة بيروت .وهو نفس العنوان الذي يفرض نفسه للمقالة للعام الثالث على التوالي . وإذا لم تفهم وسائل الإعلام عالمياً دورها قد يتكرر السؤال للعام الرابع فما فوق ..
وقد ورد في مقالة الذكرى الأولى لحادثة إنفجار المرفأ ما يلي : ((نظراً لأن الشعب اللبناني ليس بتافهٍ ، نحن نقدر مستقبل الحادثة كذكری بتقدير مُمّْتاز . وهذا بالإعتماد علی نجاح اللبنانيين في ضمان أحسن مستقبل لحاودث مماثلة. علی رأسها وأهمها حَادثة الماضي ،وكبری ذكريات المُستقبل المتمثلة في جريمة إغتيال الرئيس رفيق الحريري.))
فعلاً إن المهم في لبنان اليوم هو إسعادة الحق الضائع سيما حقوق الضحايا . وفعلاً لا تزال وسائل الإعلام لا تعطي للحادثة حجمها ، حتى أصبح الأمر ليس جللاً . والخطر كأنه سوف لن يستمر. والعمر كأنه لم يصبح من منكر وإلى منكر . بل إن الإهمال أكثر والإستغفال أخطر وإشارة المرور إلى المستقبل في وجه اللبناني دائمة الأحمر ، حتى تيقن بأنه سوف لن تشتعل بالأخضر . ولم يعد أمامه إلا خيار الشر بالشر والباديء أكفر ..
إذا ركزنا مرة أخرى على الذكريات ، وتذكرنا أن التذكر يكون عن طريق ما تم تدوينه للتاريخ . فسنفهم أنه إذا تم إستنهاض الهمم ستننهض الأمم .وإذا لم يتم فنم مع النائمين ولا تهتم . إذاً إنه وكما قلت في مقالة العام الماضي : ((بدون شك ستعود الذكرى كل عام ، لتجد لبنان مستعداً لتجاوز الأزمة . ولكن هل ستجده قد تجاوزها فعلاً .))
وقد ورد في مقالتي فيما قبل العام الماضي: (( وعلينا أن نجزم أن موعد إحياء هذه الذكريات سيكون واجباً لبنانياً مُقدساً . ولا يجب أن ننسی أن الأحداث الدامية لبنانياً وعربياً ودولياً حالياً وقبل عام . بل وطيلة عشرة أعوام مضت ، جعلت من تلكم الحادثة لا تلقی في صدی الأخبار ما يليق بحَجمها . لأن المصائب كانت في كل دول العالم ممثلة في حُضورٍ قويٍ لكورونا ، ولحروب عربية أهلية منها القديم ومنها المُستجد . وبالتالي تقلصت أهمية إنفجار المرفأ مقارنة بحجم حُضور كوارث أخری إعلاميا .وكلنا نتذكر كيف شغل العالم بحادثة 11سبتمبر في أمريكا سنة2001 م . عندما كان كل العالم يعيش في ظل سلام عالمي إهتز عرشهُ بتلك الجريمة الجهادية؟!!!!))
وها قد مر العام الثالث ولا يزال سؤال العام الثاني مطروحاً ((السؤال الأن هو : هل ستتمكن حادثة إنفجار مرفأ بيروت من أخذ حجمها في إهتمام وسائل الإعلام الدولية بعد عامين من وقوعها .وبعدما توقف كورونا عن التفشي وخفت صوت الأزمة الأوكرانية ، فهي إذا تفرغ لها الإعلام بكل وسيلة وحيلة ستكون جريمة))
إنه ليس لمجرد إحياء الذكرى ينوي لبنان إشعار العالم في كل يوم أربعة أب أغسطس من كل عام أنه يبكي . إنه سيبكي بحرقة فعلاً، وينشد للأحزان مرثيات كتبت بدماء مقتولين في يوم مجزرة جماعية ((أصبحتْ اليوم ذكری كبيرة عَالمياً ووطنياً . ويَسعی اليَوم أبناء لبنان لإحيائها فضائياً وأرضياً ، أي شعبياً وإعلامياً . وكذلك رسمياً وفنياً وأيضاً حِراَكيا وتواصلياً . وسوف تجدُ الذكری كل ما حل الرابع من أغسطس نفس الإهتمام لدی الجَميع ، والسبب هو قدرة اللبناني الخاصة علی تمييز عالمهِ عن عالم غيرهِ. والمطالبة بالثأر لدمهِ وكذلكَ لتوفر بنية تحتية فنية وإعلامية في لبنان وبإسم لبنان في المَهجر .))
ختاماً يطيب لي أن أذكر بما ختمت به مقالتي في العام 2021م (( أشير إلی أني كنت قد شاركتُ في التعبير عن الحزن الكبير بسبب تلك الحادثة. وكتبتُ دِيوان شعر خاص بها. وُضِعَتْ قصائدهُ ال26 في شهري أغسطس وتشرين الأول 2020م. إسم الدِيوان المَنشور إلكترونياً فقط *بيروت في زهو المَوت* وهُو مُخصص لمُساعدة الذِكری عندما تأتي علی أداء واجبها في أكمل وجه. وها هي تحل … وأنا جاهز، فمن أكمل القراءة وأراد أن يَستفيد من نسخة إلكترونية من الدِيوان فما عليه إلا أن يطلبهُ مني عبر الخاص بي فايس بوك lazhar doukhane،أو يبحث عنه بإسمه في موقع مكتبة نورعلی الأنترنت .))
قصيدة: بَيْرُوْت فِي زَهْوِ اَلْمَـــــوْتِ . وضعت كلماتها بتاريخ 13 أب أغسطس 2020م
-10- بيْرُوْت فِي زَهْوِ اَلْمَـــــوْتِ
فِي السَاحِ اَلْرَحِـــبِ اَلْرَحْرَاحِ …أقامـْـــــــــتْ مَجْداً لِلأفـــراحِ
أشْعَلْت نــــــــــــــــاَرَ اَلْباَرُوُدْ…وَأخمـــــــــَدْت ذِكْراً لِلأَتـْرَاحِ
بَيْرُوْت فِي زَهْوِ اَلْمَـــــــــوْتِ…تـَتـْلـــُو اَلـْقـُـرْآن وَالإصــْحَاحِ
وَلَهاَ اَلْصَبْرُ وَاَلْصُـــــــــــمُوُدِ…وَلِلشـُهَدَاءِ اَلْنـَـــُصّبُ وَاَلْسَـاحِ
أَقـَامَتْ مَأتـَمَاً لَلْـــــــــــــشَمْعِ… وَأنـْقـَصَتْ نـُوُرَهُ مِنَ اَلصَبَاحِ
وَأصْدَرَتْ قـَسَماً بـــــِمَرْفـَأهَا …لِتـَبْقـَى اَلْحَيـــــَاةُ فِي اَلأرْوَاحِ
وَبَكَتْ مَعَهَا شـَمْــــــسُ اَلإلاِه …وَرَثَتْ مَعَـــهَا دُمُوعُ اَلْرِيَاحِ
سَلاَمُهَا وَكَلاَمُهَا كـــــــَمَحَبَةٍ …وَزَعَهَا اَلله بــــــَيْنَ اَلْجـِرَاحِ
حَظَهَا أسْطُورِي رَبَة اَلْعَرَبْ… وَلاَ تـُقـِيْمُ اَلْمَئــــــَاتِمَ بـِالنـُوَاحِ
أرْضُ مُنـْفَجِرَة تـَعْشَقُ اَلْلَهَبْ…وَ تـَصْـــــبُو لإنـْجَاحِ اَلْجَوَائِحِ

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى