منوعات

دراسة عن أغنية ( مدد .. مدد ) للشاعر الكبير ابراهيم رضوان التي غنت له شادية .. ومحمد نوح .. ومحمد منير ..

بقلم.. د. سيد غيث .. متابعة لزهر دخان
رؤية تنويرية لأنطولوجيا المدد .. في بنوراما ( شدي حيلك يا بلد )
لشاعر الوطن / إبراهيم رضوان
في البدء كان الشعر وهو سيد الكلم .. وخرج من جوامعه مدرسة الشعر الغنائي ونزعت منه عاطفته المشبوبة وغزله الصريح ووصفه لمحاسن المرأة إلى فكرة ورؤية ورمزٍ وأُنموذج. وبذلك اتسع مداه ليشمل ما يمور به الكون من تأمل واستبصار وشوق وحنين وألم وأمل وفرح وحزن وإن ظل الشعرالغنائي أو الوجداني هو سيد التعبير عن عواطف
الشعراء غير منازع.
والقصيدة الغنائية هي شكل من أشكال القصائد ظهر في العالم العربي أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين..
ومن الرواد الأوائل في هذا المجال الشيخ أبو العلا محمد .
مرّ الشعر الغنائي كغيره من أنواع الشعر العربي بمراحل متعددة فقد كان الشعرالغنائي في أوج ازدهاره في شتى العصور
وكان الشاعر الغنائي قديماً يعادل ألفاً من جنود القبيلة في المعركة كونه كان يؤجج نيران الحرب في المعركة بحماسته وأشعاره الغنائية .
وقد استمرت موضوعات الشعر الغنائي في التعبير عن الذات الإنسانية وعن أفراحها وأحزانها حتى عصرنا الحديث فقد كان الكل يبحث عن التغير حتى طال هذا اللون من الشعر ومر بمراحل تغير طفيفة حتى أصبح على ما هو علية من أنواع متعددة والألوان مختلفة ولكنه لم يفقد بريقه بين أنواع الشعر خاصة وباقي الفنون عامة بل استمر بصموده ورواده المتجددين مع كل عصر بالبقاء في قمة الهرم الشعري ومن أشهر شعراء هذا العصر في كتابة الأغنية الوطنية هو الشاعر ( ابراهيم رضوان ) صاحب أشهر أغنية وطنيه في عصرنا الحديث .. ( مدد .. مدد ) ..
وقد كتبت بحبكة الأغنية حيث توفرت فيها أركان الأغنية الصحيحة من
( مذهب .. وسنييو .. وكوبليه )
= تعريف المذهب:
وهو موضوع الأغنية ومضمونها وهو الذي من خلاله يمكن للمستمع ان يعرف علام تتكلم تلك الأغنية .
= تعريف السينيو:
ويأتي السينيو دائماً بعد المذهب وهو الذي يتم تكراره على مدى الأغنية فيعلق باذن المستمع ويحمل السينيو دوماً فكرة الأغنية .
= تعريف الكوبليه:
وهو اهم شيئ في الأغنية اذ انه يتحدث او يحاكي نص الأغنية او فكرتها والفرق بينه وبين المذهب والسينيو انه متعدد وغير متكرر الشيء الذي يختلف تماما عن المذهب والسينيو فالمذهب يكون غير متعدد والسينيو
يكون متكرر إما الكوبليه لا يكرر وإنما يتعدد بمعني انه يكون في الأغنية أكثر من كوبليه على شرط ألا يكون الجميع على نسقٍ واحد بل يمكن أن يكون كل كوبليه مختلفاً عن الأخر في قافيته أو وزنه
أو عدد شطراته.
ونستعرض معكم كلمات الأغنية الوطنية (مدد.. مدد .. شدي حيلك يا بلد )
وفيها يقول الشاعر:
مدد مدد..مدد مدد
شدي حيلك يا بلد
وان كان في أرضك مات شهيد
فيه ألف غيره بيتولد
مد مدد ..مدد مدد
شدي حيلك يا بلد
*
بكره الوليد..جاي من بعيد
راكب خيول فجره الجديد
يا بلدنا قومي و احضنيه
دا معاه بشاير ألف عيد
قومي انطقي وسيبك بقي
م النومه جوه الشرنقه
دا طريقنا محتاج للجلد
و ان كان في أرضك مات شهيد
فيه ألف غيره بيتولد
مدد مدد..مدد مدد
شدي حيلك يا بلد
*
لو كان في قلبك شئ قوليه
الصمت هايفيدك بإيه
يا سكه مزروعه بأمل
قنديلنا حطي العزم فيه
با بلدنا سببك م الدموع
قومي اقلعي توب الخضوع
دا الحق لسه بينجلد
و ان كان في أرضك مات شهيد
فيه ألف غيره ليتولد
مدد مدد ..مدد مدد
شدي حيلك يا بلد ..!!
في تصريحات للفنان الراحل ( محمد نوح ) قال أن أغنية مدد ..مدد كتبها الشاعرالوطني ( ابراهيم رضوان )..والذي كتبها قبل سنوات من غناء نوح لها أثناء حرب أكتوبر المجيدة حيث كتبها بعد هزيمة العام 67 .. وأصبحت الأغنية الأكثر شهرة والأكثر وطنية لمساندة الجنود وقت الحرب وانتشرت الأغنية من وقتها وحققت نجاحا كبيرا ومازال يرددها المصريون في الاحتفالات والمناسبات الوطنية حتى الآن .. وهذا ان دل يدل على ان الأغنية حفرت في وجدان الشعب المصري كونها خرجت من قلب شاعر صادق .. أحب وطنه وعشقه ةقدم من أجله الكثير .
يا سكه مزروعه بأمل
قنديلنا حطي العزم فيه
با بلدنا سببك م الدموع
قومي اقلعي توب الخضوع
استخدم الشاعر لهجته العامية المكتوبة بطريقة السهل الممتنع .. تركيبات ومفردات لم تسمع على مسامع من قبل .. ليكون بها وجدان شعب ثار حتى فجر شرارة لنتصار .. بالغناء .. والحماسة تدفع الجندي للتضحية بنفسه وروحه فدءاً لوطنه المختلطة طينته
بماء نهر النيل العظيم .
فتأتي كلمات الشعراء لتوجه هؤلاء الجنود لنقع المعارك كي تدوي كلمات شاعرالوطن ( ابراهيم رضوان ) مع كلمات النصر فتزرع راية الانتصارفي القلوب قبل أن تزرع على حطام ( خط برليف ) أنذاك لنحقق آيات النصر .
يقول الشاعر في أغنيته المموسقه :
بكره الوليد..جاي من بعيد
راكب خيول فجره الجديد
يا بلدنا قومي واحضنيه
دا معاه بشاير ألف عيد
وتسترسل الأغنية لتشعل بداخلنا الحماسة وتنادي على البلد كي تحتضن جنود النصر كونه جلب اليها النصر المحقق .
فنجد الحركة في القصيدة تدل على وقع المعركة بركوبه فجر ميلاد النصر في يوم جديد .. يشهد عليه الوليد والشهيد.
قومي انطقي وسيبك بقي
م النومه جوه الشرنقه
دا طريقنا محتاج للجلد
وان كان في أرضك مات شهيد
فيه ألف غيره بيتولد
مدد مدد..مدد مدد
شدي حيلك يا بلد..!!
ينده الشاعر هنا على البلد كي يستيقظها من ثبات ظلت فيه سنوات طوال تحضيراً لحرب أصبحت تدرس الى يومنا هذا في الجامعات والمعاهد العسكرية على مستوى العالم .
هي معجزة ولد مصري أخذ سماره من طمي هذا البلد الصلد بعدما صهر بشمسها التي تفتك..وتحرق كل معتدي لها أثيم .. أفيقي من نومتك
( جوه الشرنقة ) تعبير واسقاط في محله .. استخدم هنا الشاعركلمات نسجت بخيوط هذه الشرنقه كي تلتف في شجاعة وبساله حول أعناق كل معتدي على كرامة وحرية هذا البلد الشريف .
دا طريقنا محتاج للجلد .
بعض اللفظات الفصيحة دخلت على الأغنية ليقول الشاعر نحن من نسل وخلفة العربي القديم الجسور الذي قاد الحروب عقود وعقود.. فهو من أجاد الكر والفر ..في المعارك .قديماً وحديثاَ .
وان كان في أرضك مات شهيد
فيه ألف غيره بينولد ..
مازالت الأرحام تلد المغاوير .. والشجعان من ابناء هذا البلد الذي تجلي عليه الله عز وجل .. ولم يتجلى في أم القرى .
يطلب الشاعر المدد من الله ليعز الجنود .. ويأخذ بأياديهم .. شدي حيلك يابلد .. أتت الكلمة مشتقة من الشدائد .. ولن يمحص الشاعر الصادق الا عند الشدائد .. ولن تتعرف على الجندي الصادق الا عند الشدائد .. وهذا ما أراد أن يقوله الشاعر( ابراهيم رضوان ) وهو يوجه هذه الأغنية الحماسية شديدة الوطنية لجنود الجبهة كي ترتفع هامات خير جنود الأرض في سماءات الله العلى . بهذه الحماسة التي تبثها الأغنية في الوجدان كي تحرك فينا الأبدان لننتصر ونغرث راية النصر في قلوب الأعداء بحماسة الشعر الوطني المحبب والمحرك للأفئدة .
بورك في اليراع .. ودام الله على شاعر الوطن فيض الابداع .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى