مقالات

فنجال قهوة على حساب شحات

بقلم/ عبدالحميد شومان
ظاهرة التسول في بلادنا ليست ظاهرة مستفزة وغير حضارية فقط ولكنها ظاهرة تدعو للتساؤل وهو إما أن الجهات المخول لها مكافحة تلك الظاهرة مقصرة أو أن الجهات الاجتماعية المختصة بمكافحة الفقر هي أيضا بها خلل ما.
وعلي الرغم من اجتهادات الدوله في خلق حاله للكرامه من خلال معاشات التضامن وغيرها الا ان العين الدغلة والطفاصه وهل من مزيد من المال؟؟
وهذا بكل المقاييس كارثة وفضيحة في بلد تعتمد علي السياحة والدلالة على كلامي هذا هي المشاهد اليومية التي لا تخطئها العين أمام كل إشارة مرور أو أمام مدخل كل مسجد وخاصة أيام الجمعه والمناسبات الدينيه وهم الان يستعدون بالفريزرات والثلاجات الفخيمة لجمع لحوم عيد الاصحي اول سبتمبر لهذا العام.
ومن المؤسف أنها ظاهرة التسول تدار من قبل شبكات شبه منظمة تجني من ورائها مكاسب كبيرة والإثبات أنه يتم القبض أحيانا على أحد المتسولين وبحوزته عشرات بل مئات الجنيهات ولا ابالغ لو قلت الألوف والمبالغ الطائله بعد وفاته.. كما طرحت السينما المصرية فيلم لو كنت غني.
وعلي غرار ما تناولته السينما في فيلم المتسول للعبقري عادل امام.
قد سبق لي يوما منذ سنوات أن تقمصت دور شحات بعد ان حصنت نفسي واخطرت المعنيين بالتجربه التي اخوضها في احدي المدن واخترت مكان وجلست القرفصاء على الأرض في أحد الشوارع واخذت أمد يدي للعابرين متظاهرا بالعمي ومن يحدثني لا اسمعه وكانت حصيلتي في ساعة واحدة فقط هي أكثر من مائة وتسعين جنيها.
وبعيدا عن وطني الحبيب فقد سبق لي أن خضت تجربة عملية مع أحد الشحاتين في بلد ما وكان عربي وذلك عندما اقرأني السلام كأي مسلم ورع وقال لي إنني جائع وأريد تناول الطعام وعطفت عليه وعندما أردت أن أدخل أحد المطاعم الغربية في تلك الدولة التي ازورها وأشتري له ساندوتش رفض قائلا: إنني مسلم لا آكل إلا اللحم الحلال أريد قيمة الساندوتش نقدا فأعطيته مبلغ ليس بقليل ومع الأيام وعن غير قصد اخذت أشاهده دائما في شوارع مختلفه وهو يمسك ببطنه ويتسول للناس وليس له من كلمة غير أنه جائع ويريد أن يأكل وفي أحد الأيام تجرأت عليه وسألته: إنني أشاهدك منذ عدة أيام أولم تشبع بعد؟! فضحك في وجهي بعد أن انكشف برقع الحياء بيننا وقال لي.. إنها مهنتي وأكل عيشي.. وبيني وبينك سهله وبسيطه
ونشأ بيننا ما يشبه الصداقة فعزمته على فنجال قهوة فلبى دعوتي وعندما طلبت ما أريده سألته عن نوعية القهوة التي يريدها وتفاجأت به يطلب من الجرسون كوبا كبيرا من البيرة، فقلت بيني وبين نفسي والله دا مسلم؟؟ لا يأكل إلا اللحم الحلال ولا يشرب إلا (البيرة؟؟)، ولكنه على أية حال متسول فافي وموديرن اوي لا أكذب عليكم أن شغلته اعجبتني ولولا قليل من الحياء لرافقته في الشوارع.
وأحلى ما في الموضوع أنه هو الذي دفع الحساب في النهاية بعد أن حلف وأقسم على ذلك بأنني ضيفه ولأول مرة في حياتي أشرب فنجال قهوة على حساب شحات اكثر من أمثاله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى