الانتخابات الرئاسية

كانت فرنسا وأصبحت فرنسا وستصبح فرنسا ما بعد (سيدي نائل )

مقالة لزهر دخان
في قديم عهد من زماننا هذا ، كانت فرنسا مضرباً للأمثال بمختلف أنواعها : سياسة رياضية إقتصادية عسكرية إستثمارية .. وحتى إستعمارية. واليوم وبالأمس القريب جداً صارت فرنسا على موعد مستدام مع الفوضى والعنف والغضب النابع من صدور شعوبها . فتارة تغضب الرومية والرومي ، على غرار ما أحدثته رغبة الحكومة الماكرونية في تعديل قانون التقاعد . وتارة يغضب العرب والمسلمين بسبب لمسهم بعنصرية، وعدم لمسهم بفرنسية تعودوا على الدلال بواسطتها . وتارة يغضب الأفارقة وباقي الأعراق المقيمة في فرنسا غضبة لسبب واحد ، ألَّا وهو رغد الحياة والتسامح والعدل والمساوات والحرية . وهي ولسخرية القدر مكتسبات تنزعها فرنسا من الإنسان فوق أراضيه .وتحفظها له كاملة غير منقوصة عندما يكون على أراضيها.
هذا النوع المشروط من الإنسانية جعل فرنسا ومثيلاتها من دول الغرب كإيطاليا وإسبانيا وأمريكا وبريطانيا …إلخ . جعلهم يتقدمون في مجال الإنسان وحقوقه .وجعل البشري يركل ذاكرته فينسيها بالقوة في فعال الغربيين . لينال في المقابل موتاً وحياةً في أراضي الحريات التي يختار أبناء العالم الثالث والرابع والخامس السفر نحوها . دون أن يختاروا إلى أي بلد يرحلون . وإذا أنهى البحر المهمة بسلام ، فلن يكون بعد هزيمة البحر معركة أخرى مع أعداء الحرية والإنسانية.
اليوم أصبح الإنسان غير قادر على إنهاء مقالاته وقصصه ورواياته وقصائده ومنشوراته نهاية بغير حيرة . إذ كيف سيكون الكلام في حق أوروبا وأمريكا ، وتركيا .. عموماً وبالنيابة عن كل حائر في تدوين رأيه بأمانة . سوف يتكلم الغضب الذي يشتعل لهبه من فترة إلى أخرى في أوروبا وبلاد الغرب الأخرى . ليطالب الغرب مجددا برفع يده على مصير وحرية الإنسان بصفة عامة . والعربي المسلم بصفة خاصة . وللإشارة إنه لولا زلات وسقطات الغرب في حق الجاليات العربية والمسلمة ، لوجب على كل شاعر وكاتب أن يكون ممتناً للغرب على الحرية الممنوحة لبني جلدته في بلدان ماتت الحرية على يديها يوم أمس . وهي الممثلة في أجداده وجداته … الخالدين بفعل قتل الغرب لهم.
على ذكر القتل تذكرُوا معي القصة المدمية المبكية ،وهي قصة المراهق نائل مرزوق ذو الأصول الجزائرية . الذي أطلق عليه شرطي فرنسي رصاصة صرعته . بعدما رفض تنفيذ أوامره ..وبعدما شجر بينهما الذي شجر. بالطبع أزمة سببها نائل في فرنسا كانت موجودة في بلاد غربية كثيرة كمقتل الزنجي جورج فولويد في عهد الرئيس ترامب في أمريكا. ومقتل فرنسيين على يد عرب في فرنسا. ومقتل مهسا أميني في إيران …إلخ من حالات القتل التي تضخم وتسيس وتحول إلى أحداث شغب كبيرة . كالتي كانت في فرنسا الأسبوع الماضي . وهي حادثة قتل لشاب جزائري ومنطقياً سيستفيد الفقيد وذويه وموطن أصله وكل الجالية المسلمة في فرنسا رغم موته . إذا كان التعاطي مع الحادثة تم بشكل سلمي ، ومرت مسيرات التنديد والتأبين بسلام على فرنسا التي تعتبر أماً للملايين من أمثال نائل .
ولكن عندما نقرأ ونشاهد حول الحادثة وما تترتب عنها من أحداث ، نحس بأن الفتنة ظهرت في الجنازة. وتغلغلت في شعور الشعب .وظهرت بتمادي مكرر في ممارسات الشرطة أثناء إدارتها للأزمة. وكانت الفتنة لتكون أشد من القتل ،فإشتدت الأزمة في فرنسا نيلاً منها بسبب نائل .
إذا هنا وجدت فرنسا نفسها تسلب المتظاهرين حريتهم وقد جزت بالألاف في السجن وتوعدتهم بالعقاب .وقالت لهم لن تنجوا بفعالكم ، أي بمعنى أنها ستسلبهم حريتهم فوق أراضيها . ربما ستتعاطى الحكومة الفرنسية مع الأزمة بالعرفي من الأحكام . وهذا يعني أن قوانين البلاد سوف لن تنصف العباد . ما داموا عبيداً لشهواتهم الإنتقامية ورغباتهم الشغبية .التي ردوا بها جماعة على فعل قام به شخص واحد .وهو جريمة أدانتها السلطة وسيحاسبه القانون عليها . وهو نفس القانون الذي سينتقم من المتظاهرين الذين أحرقوا ألاف السيارات ومئات المنازل .وأفسدوا الألاف من المراهقين الذين قبضت عليهم الشرطة وشكلوا 30 بالمئة من الموقوفين .
الجمهورية الفرنسية تعودت على مثل هذه الأزمات . والسؤال المطروح هنا هو هل يجوز أن نقول أن مخابرات فرنسا تصنعها بأياديها. وتنفذها عصابات كبيرة تديرها فرنسا لنشر الإرهاب والشغب والعصيان المدني دولياً. وهي بارعة في تفكيك هذه العصابات داخلياً. وبارعة أيضاً في رعايتها وتمويلها في الخارج . ووحدهم ظباط مخابرات فرنسا يعرفون السبب الذي لأجله يحرقون فرنسا مع أراضي أعدائهم وحتى أصدقائهم.
كذلك إن روسيا الإتحادية تستطيع إشعال الفتن في مختلف دول العالم . ولكن ربما لا تستطيع أن تفعل بفرنسا كل الذي يفعل بها في هذا الشأن .
أيضاً من الأرجح أن تكون أحداث فرنسا الأخيرة وما قبل الأخيرة بسبب الشرطة الفرنسية . لأنها تنتشر بشكل مكثف. وإن في كثرتها ذاك الفتيل الكفيل بأشعال النار . فمثلاً عندما تجد الألاف من الشرطة في الشارع ، والشارع إسمه شارع ، ويبقى شارع مليء بالكلاب والذئاب من المتعاطين والمخمورين . فمن الطبيعي أن تندلع حروب تحرير جديدة داخل فرنسا دفاعاً عن أوطان وأديان ، تحت تأثير الكحول والمخدرات ، أسرع وسيلة متوفرة بين أيدي المتشردين لتنقل من المأهول إلى المجهول.
خلاصة القول فلنتذكر سوياً ما دمنا نملك الحرية في رقن العناوين، فلنتذكر أن عنوان هذه المقالة هو :
كانت فرنسا ،وأصبحت فرنسا ،وستصبح فرنسا ما بعد (سيدي نائل )

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى