منوعات

عندما يصدق الكذوب

بقلم / محمـــد الدكـــروري
لقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الوقت الذي تبدل فيه الأرض غير الأرض والسماوات هو وقت مرور الناس على الصراط، فعن ثوبان رضي الله عنه أن حبرا من أحبار اليهود سأل الرسول صلى الله عليه وسلم فقال ” أين يكون الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” هم في الظلمة دون الجسر ” فنعيش في زمان أصبح الإنسان منا لا يعلم الصادق من الكاذب إلا ما رحم الله عز وجل من عباده، وإن النبي صلى الله عليه وسلم، قد صدق كلاما قاله الشيطان لما وكل أبا هريرة رضى الله عنه، بحفظ بيت المال وجاء الشيطان بهيئة رجل يحثو منه، فألقى أبو هريرة رضى الله عنه، القبض عليه في أول ليلة وثاني ليلة وثالث ليلة وفي النهاية.
قال له إني أعلمك آية إذا قلتها قبل النوم حفظك الله لا يقربك شيطان، قال إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم الآية ” الله لا إله إلا هو الحى القيوم ” وقال لي، لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح “رواه البخاري، وكان أبو هريرة رضى الله عنه حريص على الخير، فقد أطلق الرجل لأجل هذه الفائدة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم “أما إنه قد صدقك وهو كذوب، تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليال يا أبا هريرة؟ قال لا، قال صلى الله عليه وسلم فذاك شيطان” رواه البخارى، إذن، قد يصدق الكذوب، فإذا قال صدقا فإننا نقبله ولا نقول لا، لأنهم يكذبون أو فجرة لا نقبل منهم شيئا ولا نصدقهم، بل نصدق ما قالوه إذا وافق الدين، والنبي صلى الله عليه وسلم، صدق أحد أحبار اليهود.
حيث قال “يا محمد، إنا نجد أن الله يجعل السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع، والشجر على إصبع، والماء والثرى على إصبع، وسائر الخلائق على إصبع فيقول أنا الملك، فضحك النبى صلى الله عليه وسلم، حتى بدت نواجذه تصديقا لقول الحبر” صدقه بالضحك الذى هو كناية عن الرضا والإقرار بما قاله، ثم قرأ النبي صلى الله عليه وسلم ” وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامه والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون” رواه احمد والترمذى، ولكن هل هناك صدق مذموم؟ وإن الجواب هو نعم، فإن من الصدق المذموم هو الغيبة والنميمة والسعاية، ولو ذكره بما ليس فيه، لكان هذا بهتانا، ولكن لو ذكرته بما فيه، وقلت أنا صادق فربما عذر المغتاب نفسه بأنه يقول حقا.
لكن هذا بعيد عن الصواب ومخالف للأدب،لأنه ولو كان في الغيبة صادقا فقد هتك سترا كان صونه أولى، وجاهر من أسر وأخفى، وربما دعا المغتاب، وكذلك النمام والقتات، النمام يمكن أن يكون في نقل الكلام في غاية الأمانة لا يزيد ولا ينقص من الكلام، يذهب للشخص الآخر يقول فلان قال عنك في المجلس الفلاني كذا وكذا وكذا، عابك وقال عنك كذا وكذا وكذا، ونقل الكلام بأمانة وبصدق، ما كذب ولا افترى، فما حكم هذه النميمة ما حكم هذا الصدق في النقل؟ فإنه حرام، وهى نميمة، فالنمام الذى يكون مع القوم يتحدثون فينم حديثهم وينقله، ولكن ما هو الفرق بين النمام والقتات؟ فإن النمّام الذي يكون مع القوم فيسمع الكلام وينقله للإفساد، والقتات الذى يسمع إليهم وهم لا يعلمون فينقل خبرهم.
أي يتجسس عليهم ويسمع كلامهم وينقله ولا يكذب، ولا يزيد ولا ينقص، ينقل بدقة، لكن لأجل الفساد، فهذا من المتجسسين وكلاهما لا يدخلان الجنة، لأن الحديث عن النبى صلى الله عليه وسلم، جاء ” لا يدخل الجنة قتات “رواه البخاري ومسلم، “وكذلك لا يدخل الجنة نمّام ” رواه مسلم.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى